فشل-عملية-التكميم

عملية تكميم المعدة (Sleeve Gastrectomy) إحدى أكثر الحلول شيوعًا وفعالية لمكافحة السمنة المفرطة، مقدّمةً بصيص أمل للكثيرين في استعادة صحتهم وجودة حياتهم، ومع أن قصص النجاح لا تُحصى، إلا أن الحقيقة التي قد تكون مُرّة للبعض هي أن هذه العملية، كأي تدخل جراحي، ليست مضمونة النتائج دائمًا، فماذا يحدث عندما لا تسير الأمور كما هو مخطط لها، وتفشل عملية التكميم في تحقيق أهدافها؟ تتناول هذه المقالة الأسباب المتعددة وراء فشل عملية التكميم، وتأثير ذلك على المرضى، والخيارات المتاحة لمن يجدون أنفسهم في هذا الموقف الصعب.

اسباب-فشل-عملية-التكميم

ما هي عملية تكميم المعدة؟ 

عملية تكميم المعدة (Sleeve Gastrectomy)، والتي تُعرف أحيانًا بـ “قص المعدة” أو “التكميم الرأسي”، هي إجراء جراحي يهدف إلى مساعدة الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة على إنقاص الوزن.

كيف تتم العملية؟

تتضمن العملية إزالة جزء كبير من المعدة، حوالي 70% إلى 80% منها، بشكل دائم، الجزء المتبقي من المعدة يُشكل على هيئة أنبوب ضيق أو “كم” (ومن هنا جاءت التسمية)، غالبًا ما تُجرى هذه العملية باستخدام المنظار البطني، حيث يقوم الجراح بإدخال أدوات دقيقة عبر شقوق صغيرة في الجزء العلوي من البطن.

كيف تساعد على فقدان الوزن؟

تُحقق عملية تكميم المعدة فقدان الوزن من خلال آليتين رئيسيتين:

  • تقليل حجم المعدة: تصبح المعدة أصغر بكثير، ما يحد من كمية الطعام التي يمكن تناولها في الوجبة الواحدة، هذا يؤدي إلى الشعور بالشبع بكميات أقل من الطعام.
  • التأثير على الهرمونات: الجزء الذي يتم إزالته من المعدة هو المسؤول عن إفراز جزء كبير من هرمون “الغريلين” (Ghrelin)، المعروف باسم “هرمون الجوع”، بتقليل إفراز هذا الهرمون، يقل شعور المريض بالجوع والرغبة في تناول الطعام.

 

لمن تُجرى العملية؟

تُجرى عملية تكميم المعدة عادةً للأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة ولم ينجحوا في إنقاص الوزن بالطرق التقليدية (مثل الحمية الغذائية والرياضة)، يتم تحديد مدى ملاءمة العملية بناءً على مؤشر كتلة الجسم (BMI) والحالة الصحية العامة للمريض.

 

ميزات عملية التكميم:

  • فعالية عالية في إنقاص الوزن: تساعد على فقدان نسبة كبيرة من الوزن الزائد.
  • تحسين الحالات الصحية المرتبطة بالسمنة: مثل السكري من النوع الثاني، ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع الكوليسترول.
  • عدم تغيير مسار الأمعاء: على عكس بعض جراحات السمنة الأخرى، لا يتم تغيير مسار الأمعاء في هذه العملية، ما يقلل من بعض المضاعفات المرتبطة بسوء الامتصاص.
  • إجراء آمن نسبيًا: عند إجرائها بواسطة جراحين ذوي خبرة، تعتبر من العمليات الآمنة.
  • على الرغم من فعاليتها، يجب أن يكون المريض على دراية بالمخاطر والمضاعفات المحتملة للعملية، وأن يلتزم بنظام غذائي ومتابعة طبية دقيقة بعد الجراحة لتحقيق أفضل النتائج على المدى الطويل.

اقرئي أيضًا: كل ما يخص عملية تكميم المعدة

نسبة-فشل-عملية-التكميم

اسباب فشل عملية التكميم

للأسف، بالرغم من أن عملية تكميم المعدة تُعد فعالة للكثيرين، إلا أنها قد لا تحقق النتائج المرجوة للبعض، وقد يُعرف ذلك بـ “فشل عملية التكميم”، يمكن أن يكون هذا الفشل بسبب عوامل متعددة، تتراوح بين الأخطاء الجراحية، إلى عدم التزام المريض بالتعليمات بعد العملية، وحتى عوامل مرتبطة بالجسم نفسه، إليكِ اسباب فشل عملية التكميم: 

  1. أسباب مرتبطة بالمريض وسلوكه:

  • عدم الالتزام بالنظام الغذائي بعد الجراحة: هذا هو السبب الأكثر شيوعًا لفشل عملية التكميم، بعد التكميم، يجب على المريض الالتزام بنظام غذائي صارم يشمل كميات صغيرة من الطعام الصحي، وتجنب السكريات، والدهون، والمشروبات الغازية.
  • الإفراط في تناول الطعام: حتى مع المعدة الصغيرة، يمكن للمريض تناول كميات أكبر من المسموح بها بمرور الوقت، ما يؤدي إلى تمدد المعدة المتبقية.
  •  تناول الأطعمة والمشروبات عالية السعرات الحرارية: مثل الحلويات، الشوكولاتة، المشروبات الغازية، والعصائر المحلاة، والتي يمكن أن تساهم في زيادة الوزن دون الشعور بالشبع.
  •  الأكل العاطفي أو غير المنضبط: قد لا تعالج العملية الأسباب النفسية أو السلوكية الكامنة وراء الإفراط في تناول الطعام.
  • قلة النشاط البدني: عدم ممارسة الرياضة بانتظام يقلل من معدل حرق السعرات الحرارية ويعيق فقدان الوزن.
  • عدم المتابعة الطبية المنتظمة: المتابعة مع الطبيب وأخصائي التغذية أمر حيوي لمراقبة التقدم، وتعديل الخطط، والتعامل مع أي مشكلات مبكرًا.
  • التدخين وتناول الكحول: يمكن أن يؤثر على عملية الشفاء والصحة العامة ويساهم في المضاعفات.
  • وجود حالات صحية كامنة: بعض الأمراض مثل مشاكل الغدة الدرقية أو بعض الأدوية يمكن أن تؤثر على عملية الأيض وفقدان الوزن.
  • التوقعات غير الواقعية: قد يتوقع بعض المرضى نتائج فورية أو سحرية دون إدراك الحاجة للتغيير الشامل في نمط الحياة.
  1. اسباب فشل عملية التكميم مرتبطة بالجراحة نفسها:

    • عدم استئصال جزء كافٍ من المعدة: إذا لم يتم إزالة نسبة كافية من المعدة (خاصة الجزء المسؤول عن إفراز هرمون الغريلين)، فقد لا يكون تأثير تقليل الجوع وحجم المعدة فعالاً بالقدر الكافي.
    •  تمدد المعدة المتبقية: على المدى الطويل، قد تتمدد المعدة المتبقية بشكل طبيعي أو نتيجة للإفراط المتكرر في تناول الطعام، ما يقلل من فعالية العملية.
  • أخطاء تقنية أثناء العملية:
  •  تسرب السوائل (Leak): يُعد من أخطر المضاعفات، وقد يحدث بسبب عدم التئام خط التدبيس بشكل جيد، ما يؤدي إلى تسرب محتويات المعدة إلى تجويف البطن، ويتطلب تدخلًا عاجلاً.
  •  تضيق أنبوب المعدة: قد يحدث تضيق في جزء من المعدة بعد الجراحة، ما يسبب صعوبة في البلع والقيء.
  • التواء المعدة: يمكن أن يحدث التواء في أنبوب المعدة، ما يعيق مرور الطعام.
  •  عدم إزالة غار المعدة (Gastric Antrum) بشكل كاف: وهو جزء من المعدة يؤثر على هضم الطعام وتنظيم الشهية.
  • الاختيار الخاطئ للعملية من البداية: قد لا تكون عملية التكميم هي الخيار الأمثل لبعض المرضى بناءً على حالتهم الصحية أو عاداتهم الغذائية (مثل من يعانون من الارتجاع المريئي الشديد قبل العملية).
  1. عوامل أخرى لفشل عملية التكميم:

  • خبرة الجراح: اختيار جراح غير مؤهل أو قليل الخبرة يزيد من مخاطر المضاعفات وفشل العملية.
  • عوامل فسيولوجية فردية: يختلف استجابة الأجسام للجراحة، وقد يكون لدى بعض الأشخاص معدل أيض أقل أو استجابة هرمونية مختلفة.
  • من المهم جدًا أن يتفهم المرضى هذه الأسباب المحتملة قبل إجراء العملية، وأن يكونوا مستعدين للالتزام بالتغييرات اللازمة في نمط الحياة لضمان أفضل فرصة للنجاح على المدى الطويل.

فشل-عملية-التكميم

نسبة فشل عملية التكميم

من الصعب تحديد نسبة فشل عملية التكميم وذلك لعدة أسباب:

تعريف الفشل: يختلف تعريف “الفشل” من دراسة لأخرى ومن طبيب لآخر، هل يعني الفشل عدم فقدان أي وزن على الإطلاق؟ أم عدم الوصول إلى وزن مستهدف معين؟ أم استعادة جزء من الوزن المفقود بعد فترة؟ هذا التباين يجعل الإحصائيات مختلفة.

  • العوامل المتعددة: كما ذكرنا سابقًا، يعتمد نجاح العملية بشكل كبير على التزام المريض بالنظام الغذائي ونمط الحياة الصحي بعد الجراحة، بالإضافة إلى العوامل الجراحية والفسيولوجية.
  • المدة الزمنية: قد تكون العملية ناجحة في السنة الأولى أو السنتين الأوليين، ثم يبدأ الوزن في الزيادة مرة أخرى بعد سنوات، ما يجعل تقييم “النجاح” أو “الفشل” يعتمد على الفترة الزمنية للمتابعة.

 

ولكن، يمكننا النظر إلى نسبة النجاح لتقدير الفشل:

بشكل عام، تُعتبر عملية تكميم المعدة ذات نسبة نجاح عالية، تشير معظم الدراسات والمصادر إلى أن:

  •   80% إلى 90% من المرضى يفقدون حوالي 50% إلى 70% من وزنهم الزائد خلال السنة الأولى بعد العملية.
  • يصل معظم الأشخاص إلى أدنى وزن لهم خلال 12 إلى 24 شهرًا بعد الجراحة.
  • بناءً على هذه الأرقام، يمكن استنتاج أن نسبة الفشل المحتملة لعملية التكميم تتراوح بين 10% إلى 20% تقريبًا، وهي الحالات التي لا تحقق فيها العملية الأهداف المرجوة من فقدان الوزن أو استعادة الوزن بعد فترة.

اقرئي أيضًا: ما هي أسباب ثبات الوزن مع الرجيم والرياضة؟

علامات قد تشير إلى نسبة فشل عملية التكميم:

  • عدم فقدان الوزن الكافي: إذا لم يحقق المريض فقدان الوزن المتوقع خلال الإطار الزمني المحدد بعد العملية.
  • استعادة الوزن: إذا بدأ المريض في استعادة جزء كبير من الوزن المفقود بعد فترة من النجاح الأولي.
  • استمرار الشعور بالجوع الشديد أو زيادة الشهية: إذا لم يتأثر هرمون الجوع (الغريلين) بشكل كافٍ أو عادت مستوياته للارتفاع.
  • تمدد المعدة: إذا تمددت المعدة المتبقية بمرور الوقت بسبب الإفراط في تناول الطعام.
  • المضاعفات الصحية المستمرة: مثل الارتجاع المريئي الشديد، أو سوء التغذية، أو النزيف، أو التسرب (وهي مضاعفات قد تكون حادة وتتطلب تدخلًا فوريًا وليست بالضرورة “فشل” في فقدان الوزن ولكنها فشل في سلامة العملية).
  • عدم تحسن الحالات المرضية المصاحبة للسمنة: مثل السكري من النوع الثاني أو ارتفاع ضغط الدم، أو تدهورها.
  • من المهم التأكيد أن النجاح في عملية التكميم ليس فقط في فقدان الوزن، بل في الحفاظ على هذا الوزن وتحسين الصحة العامة ونوعية الحياة، وهذا يتطلب التزامًا مدى الحياة بتغييرات نمط الحياة.
  • إذا كنت تفكرين في عملية التكميم أو تشعرين بالقلق بشأن نتائجها، فمن الضروري التحدث مع جراح متخصص لمناقشة التوقعات والمخاطر بشكل دقيق يناسب حالتك الفردية.

 

وفي الختام، يظلّ الأمل في حياة صحية أفضل هو الدافع الرئيسي وراء لجوء الكثيرين لعملية تكميم المعدة، ورغم فعاليتها المثبتة، فإن فشل عملية التكميم ليس نهاية المطاف، بل هو نقطة تحول تتطلب وعيًا أكبر ومقاربة مختلفة، إن فهم الأسباب الكامنة وراء هذا الفشل، سواء كانت متعلقة بالخيارات الجراحية، أو العوامل الفسيولوجية، أو الأهم من ذلك، عدم الالتزام الصارم بتغيير نمط الحياة والسلوكيات الغذائية، هو الخطوة الأولى نحو تجاوز هذه العقبة، لا تكمن الحلول في اليأس، بل في المراجعة الشاملة للحالة، والبحث عن استشارة طبية متخصصة، واستكشاف الخيارات المتاحة كالتدخلات الجراحية التصحيحية أو برامج المتابعة المكثفة،تذكّر أن الرحلة نحو الصحة هي مسار مستمر يتطلب الصبر والمثابرة والتعلم من التحديات، فليست الجراحة وحدها هي العصا السحرية، بل هي أداة قوية تتطلب رفيقًا دائمًا الالتزام الحقيقي بالتغيير.

 

المصادر: 

Failure of Laparoscopic Sleeve Gastrectomy – Further Procedure?

 

شارك المقالة مع اصدقائك

Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *